الخميس، 2 فبراير 2012

هل يمكن لها أن تعود!







جاءتني الذكرى لتطرقَ أبواباً كانتْ موصدة، أقفالُها مُحكَمة، وحراسُها أقوياء، جاءتْ بأبسطِ سلاحٍ ولكنه أقواها على الإطلاق، ففُتِحت لها الأبوابُ وتخطتْ كل الحواجز.

أعذريني أيتها الذكرى فطولُ الأمدِ وقسوةُ الفقدِ جعلتني استبعدُ حتى عودتك لتلقي عليّ تحيةَ المساء، أعذريني .. فما عدت قادراً أن أجمّعَ أشتاتَ أفكاري، وثقوبُ ذاكرتي أصابتني بالعناء.

أتعودين لتلقميني من أطباقكِ المتناقضةِ ما تشائين، فأغصُّ ببعضها وأستطعمُ بعضها الآخر! وأتجرعُ من كؤوسِك المترامية، فأستسيغُها تارةً وأمجُّها تارةً أخرى!.

أتعودين لتجددي فيّ الجراح، أو لتضمدي بعضَ ما بقي منها، ولست أدري إنْ كنت أنتِ الداءُ أو الدواء!.

كيف لقلبي الذي كان يتخبط كالتائِه أن يعاودَه الحنين، أو لنفسي أن تتجرأَ على المألوفِ وهي التي أوجعتها السنين، أما زالتْ هناك قلوبٌ تنبضُ بالوفاء! وأحلامٌ طال انتظارُها فتبددت في الهواء!.

تجبرني لأنْ أقفَ على عتبةِ المجهول، أمدُّ بصري وراءَ الأسوارِ لعلّي أنْ أستشفَ ملامحَ الوجوهِ التي رسمها الخيالُ بألوانٍ مائية اختلطت مع دموعِ السماء.


لكن هيهات أن أجِدَها كما كانتْ، فعوامل التعريةِ قد غيّرتْ ملامِحَها، وصقيعُ الأيامِ قد جمّد أطرافها، فتناوب الجمودُ والذوبانُ عليها، ففقدتْ قدرتَها على التشكُّل.

وأنا أقلّبُ صفحاتٍ طواهَا الزمن، تلاشتْ كالسرابِ واختفتْ من أمامي.
وجعلتني أتساءلُ في نفسي هل تراها ستعود، ولكن بحضورٍ مختلف؟!



يوسف الملا
14 يناير 2012

ليست هناك تعليقات: