مقالاتي



هذه مقالاتي التي نشرتها في الانترنت


نعم.. وإن كنت على نهر جار


لا يخفى على أحد أهمية الماء والكهرباء في حياة الإنسان، ومع ذلك نغفل عن الاقتصاد في استعمالها كثروة وطنية وضرورة حياتية يجب أن نحافظ عليها للأجيال القادمة.

عندما انقطعت المياه عن رأس تنورة الأسبوع الماضي، تفكّرت في مقدار هدر المياه الذي يحصل يومياً في استعمالنا الروتيني اليومي، ودهشت أنّ المياه التي تصبّ في مواسير الصرف هي أضعاف أضعاف المياه التي تُستعمل، وقفت على تلك الحقيقة لأنّ قارورة مياه معدنية صغيرة كانت كافية للوضوء، ونحن نهدر في وضوئنا كميات من المياه تكفي لتعبئة كرتون كامل من القوارير، أصبحت عادة عند كثير من الناس أن يُبقِي صنبور المياه مفتوحاً بالكامل وهو يقوم بعمل آخر كفرش الأسنان أو الوضوء أو الغسيل.

قد يتهمني البعض بتهويل المسألة أو قد يلقي عليّ صفة البخل، ولكن أليس من الأولى معرفة أن كميات المياه التي لا يستفاد منها تعتبر هدراً للطاقة التي تستعمل في عمليات تحلية مياه البحر لو فرضنا أنها مصدر المياه عندنا، وأن تلك الطاقة تنتج من حرق الوقود سواء الغاز الطبيعي أو منتجات البترول الأخرى، وهذه كلها موارد مهمة نحتاج كثيراً إلى ترشيدها حتى نوفر حياة رغيدة لنا ولأجيال المستقبل لفترة أطول بإذن الله تعالى.

وليس بعيداً عن ذلك هدر الطاقة في ترك المصابيح الكهربائية مضاءة في غرف لا أحد فيها، يقولون أن من علامات الشيخوخة أن يمرّ الرجل على مفاتيح الكهرباء في البيت ليغلق المصابيح وهو يصرخ في أبنائه: ليه تخلّون اللمبات والعة يا مسرفين، ولكني أرى أن الأمر يتعدى الخوف من ارتفاع قيمة الفواتير إلى الإحساس بأهمية تلك الثروات كلما تقدم بنا العمر.

المياه والكهرباء ثروات ينبغي أن نحافظ عليها للأجيال القادمة، فلا نكن أنانين ونفكر في أنفسنا فقط، ليست المسألة فاتورة ماء أو كهرباء تدفعها وإنما حياة قد تحافظ عليها في المستقبل.

إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بسعد رضي الله عنه، وهو يتوضأ فقال : ما هذا السرف ؟ فقال: أفي الوضوء إسراف ؟ قال : نعم وإن كنت على نهرٍ جار.
يوسف الملا
29 يونيو 2011




هل لديك الدافعية الذاتية؟


لنسأل أنفسنا سؤالاً بديهياً: ما الذي يحركنا للقيام بعمل ما؟ والجواب قد يغيب عنا لأننا في بعض الأحيان لا ندركه أو حتى لم نفكر فيه.


طلبتُ من شخصين المشاركة في عمل إجتماعي تطوعي، وكانت ردة الفعل الظاهرة على وجهيهما مختلفة، أحدهما أبدى سعادته ورغبته، ورأيت حماسه يتلألأ في بريق عينيه، أما الآخر فوجدته على النقيض تماماً، لاحظت أنه يبحث في قاعدة بيانات أعذاره المخزنة للخروج بعذر مناسب، وفي النهاية قال لي إنه مرتبط مع العائلة.

الفرق بين هذا وذاك يكمن فيما أستطيع تسميته بالمبادرة أو الدافعية الشخصية، فالأول وجد داخله دافعاً لتخصيص جزء من وقته وجهده في العمل التطوعي الإجتماعي، أما الآخر فلم يكن لديه الدافع فأصبح يقلب في دفتر الأعذار لعله يجد تبريراً لنفسه وللآخرين، وشتّان ما بين هذا وذاك.

عندما خلق الله عز وجل الإنسان واستخلفه في الأرض لعمارتها، أوجد فيه غرائز فطرية كالاستمتاع بالمأكل والمشرب حتى يستطيع الاستمرار في الحياة، هذه الغريزة كانت هي الدافع الذي جعله يبحث عن قوته وطعامه ويسعى في الأرض طلباً لرزقه، وبالمثل نحن نبحث دائماً عن مردود يعود إلينا من وراء العمل، ربما يكون مردوداً مادياً أو حسياً أو عاطفياً أو غيره مما تبحث عنه النفس البشرية وتجد فيه سعادتها، حتى الأجر الذي نريد ان نكسبه من أعمالنا الخيرية هو دافع للحصول على مردود في الحياة الآخرة، ولا يختلف ذلك في عمل الشر فإن وراءه دافع أيضاً لذا تجد أن المحقق أو القاضي يبحث عن الأسباب التي دفعت المتهم ليقوم بجريمته.

النية لها ارتباط بالدافع في كونها حديث النفس الداخلي الذي يحدد توجهاتها، فلو صلحت النوايا لصلحت الدوافع التي تحركنا للقيام بعمل ما، ولكنها لا تكفي وحدها لأن نعمل، نحتاج الكثير من التحفيز الداخلي حتى يمكننا أن نبدأ في العمل والإنجاز، لذلك كان التحفيز من أهم المهارات التي نحتاج إلى تطبيقها في حياتنا اليومية على أنفسنا وعلى الآخرين، في أي مكان نكون فيه سواء في البيت أوالشارع أوالمدرسة أوالعمل أو غيرها، حتى الطفل في بداية شهوره الأولى يحتاج منا تشجيعاً وتحفيزاً حتى يحبو وإذا بدأ في الحبو نشجعه في وقت لاحق ليبدأ في المشي، ونسعد كثيراً ونصفق له وهو يحاول أن يبدأ خطواته الأولى، فهل التحفيز هو محرك الدافعية؟! لا شك أن التحفيز هو من أهم الدعائم التي يُبنى عليها صرح الدافعية.

ما الذي سأحصل عليه من وراء ذلك العمل؟ هو الدافع الذي يحرك البشر بمختلف أعمارهم وتوجهاتهم وثقافاتهم.

إذا عرفنا أهمية الدافع فلِمَ لا نراجع أنفسنا ونتعرف على دوافعنا فقد ننجح في تصحيح السيء منها وتقوية الصالح، وكذلك نوجد في أنفسنا دوافع جديدة ربما نفتقدها رغم حاجتنا إليها، بالإضافة إلى معرفة دوافع الآخرين، حتى نفهمهم ونعرف أفضل الطرق في التعامل معهم.

وأختتم مقالتي بسؤال آخر: هل أنت مبادر ولديك الدافعية الشخصية لإنجاز الأهداف التي خططت لها أو الآمال التي تود تحقيقها؟


يوسف الملا
8 مايو 2011

أنت تعمل لمصلحة من!؟

سأكون صريحاً في مقالتي، وأرجو أن لا يساء فهمها أو تفسر في غير مقصدها.

لنسأل أنفسنا هذا السؤال ولنفكر ملياً قبل الجواب، هل أنت تعمل لمصلحة وطنك أو لمصلحة نفسك، وإذا تعارضت المصلحتان فأيهما تقدم؟ ارجع إلى نفسك واسبر أغوارها واكشف سترها فإنه لا يعلم نواياك غير خالقك وأنت، نجد أن البعض مخلص في توجهاته وأعماله يبتغي بذلك الأجر من المولى عز وجل وخدمة المجتمع الذي يعيش فيه، ونجد البعض يطلب المناصب حتى يصل إلى غاية في نفسه ربما تكون حب الظهور والشهرة، وربما تكون مصلحة شخصية ومآرب خاصة لا يستفيد منها إلا هو ومن يعمل معه.

في هذه الأيام لدينا ترشيح لإدارة نادي رأس تنورة، وقريباً سيكون هناك انتخابات المجلس البلدي الجديد، وفي كل منهما يجب أن يتجلى الإخلاص والرغبة الصادقة ممن يرشحون أنفسهم في أن يخدموا الوطن والمواطنين من خلال محافظة رأس تنورة، وأن لا يضعوا مصالحهم وأهوائهم الشخصية دافعاً لهم، أنا هنا لا أنتقد أداء إدارات النادي أو المجلس البلدي الحالية، ولكنها رغبة قلبية مخلصة في أن يكون القادم أحلى لهذه المحافظة، فهي في أمس الحاجة إلى كثير من البرامج والنشاطات والمشاريع التي ترقى بمستوى الخدمات الملامسة لاحتياجات المواطن الحياتية، والتي ترفع من مستوى الوعي الحضاري والمشاركة الإجتماعية بين أبناء المحافظة، عندما يتولى أي شخص منصباً أو يرشحه الاخرون فهو محاسب أمام الله أولاً ثم أمام أولئك الذين حملوه الأمانة، فإذا كنت قادراً فكرياً ونفسياً وجسدياً على تحملها فاقدم إليها، وإلا فاحجم عنها واترك الميدان للآخرين، انظر إلى نفسك بميزان الواقعية والعدل وابعدها عن الميل نحو حب الذات المفرط وعدم تقدير قدرات الآخرين.

أبناء رحيمة (رأس تنورة) المخلصون المؤهلون كثيرون ولله الحمد وهم قادرون على تحمل مسئولية القيام بواجباتهم من أجل تحقيق أسمى الأهداف، نحن نريد أن ينهض العمل الإجتماعي والثقافي والتطوعي في المحافظة، لا أقول أن ينافس بعض المحافظات من حولنا، ولكن على الأقل أن يقوم بالأدوار الأساسية التي يتمناها كل إنسان (رحيماوي)، نريد نهضة فكرية وثقافية واجتماعية تفعّل طاقات شباب رأس تنورة لما فيه مصلحة هذه الأرض وليكونوا في طليعة شباب هذا الوطن في الأخلاق والإنجاز والإبداع.

أمّا لماذا لا يتجرد البعض من مصالحه الشخصية إذا كان العمل يلامس المجتمع ويخدم الناس، فلأن نوازع النفس وأهواءها تجرهم قسراً إذا لم يحسنوا تهذيبها، ورغبات الدنيا ترغمهم على الغرق في ملذاتها إن لم تنههم أنفسهم عنها، وإذا ضعفت المراقبة على النفس سهل الوقوع في مزالق الهوى، والتعدي على حقوق الناس وإهمال الأمانة.

أتمنى أن يكون القادم لأهالي رأس تنورة أحلى.

يوسف الملا
5 مارس 2011





فضفضة هندسية مؤلمة

لن أتكلم عن كلمة المهندس والهندسة المشتق من "الهنداز" أو"الأنداز" الفارسية الأصل والتي تعني مقدّر الماء، ولن أتوسع في تعريفها من ويكيبيديا أو المراجع الهندسية أو المعاجم اللغوية مثل (لسان العرب) الذي يعرّف المهندس بأنه الذي يقدّر مجاري القنى (أي القنوات) حيث تحفر!، ولكن أسمحوا لي أن أبوح لكم بفضفضة مؤلمة عن حال الهندسة بصورة عامة في وطننا الحبيب، في وقتنا الحاضر، لأنّ معاناتنا مع الأخطاء الطبية قد توسعت لتشمل أخطاء هندسية فادحة تُوفيّ بسببها كثير من البشر، هذه الأخطاء في أبجديات الهندسة التطبيقية أصبحت ظاهرة ملحوظة يدركها المتعلم والجاهل، والصغير والكبير.

لطالما افتخرت بلقب "مهندس" منذ تخرجي من الجامعة، فصورة المهندس الذهنية في عقول الناس هي صورة نموذجية لإنسان مفكر مبدع قادر على تعمير الكون وحل أصعب المشاكل، ولكن شعوري هذا قد اضمحل بسبب كثرة الأخطاء الهندسية، أحجمت عن دراسة الطب لما تحمله وظيفة الطبيب من مسئولية تمسّ حياة البشر، لأدرك لاحقاً أن مسئولية المهندس ليست بأقل منها، بل قد ينتج عن عدم تحملها كوارث أشدّ خطراً وأعمّ تأثيراً، وما كارثة أمطار جدة وقبلها الرياض عنا ببعيد.

يفتك بي الألم عندما أرى الأخطاء والتخبطات الهندسية في تصميم وتنفيذ المشاريع وتخطيط المدن والطرق وغيرها من الإنشاءات، أتألم عندما أشاهد جسراً تملؤه التصدعات ولم يمضِ على إنشائه إلا بضع سنوات، أو عندما أرى نفقاً تملؤه مياه الأمطار حتى تغطيه تماماً، وأتعجب عندما يتمّ بناء منشأة بمستوى ارتفاع أقل من المنطقة المحيطة بها لتصبح تلك المنشأة مكاناً لتجمع المياه، أو عندما أقف على شوارع لم تصمم مع شبكة تصريف للمياه، وكأن الأمطار حدثاً جديداً لا نعرف عنه شيئاً وقت التصميم، وأتذكر تعريف لسان العرب للمهندس فازداد حسرة على حالنا.

أما عن الطرق فحدّث ولا حرج، ترى طرقاً جديدة سفلتتها متعرجة وغير مستوية تمرّ عليها بسيارتك وكأنك على سنام بعير، وتشاهد الكثير من أخطاء تصميم الطرق من ناحية السلامة المرورية في المنحنيات والارتفاعات والتفرعات مما يعرض حياة السائقين للخطر، استغرب كثيراً من التحويلات على الطريق السريع والتي تنفذ بطريقة غير مدروسة تفتقد أصول السلامة وتعكّر انسيابية المرور، ومن أمثلة ذلك ما حدث قبل أشهرعندما أغلق المخرج من خط الجبيل- الظهران السريع والمؤدي إلى مطار الملك فهد بالكامل بدون توفير طريق بديل مؤقت، والنتيجة هي معاناة سائقي السيارات وإجبارهم على سلك طريق جانبي رملي كثيراً ما غرزت فيه سياراتهم، أتمنى أن يتعلم المهندسون من خبرات دولة خليجية مجاورة لنا في طريقة تنفيذهم للتحويلات المرورية.

جامعاتنا تُخرِّج الآلاف من المهندسين سنوياً ومع ذلك ما زالت الدوائر الحكومية والمؤسسات والشركات التجارية تعاني من نقص الكفاءات الهندسية التي بسببها يسند أمر الإشراف على المشاريع إلى مكاتب هندسية تدور الشبهات والشكوك حول مصداقية و كفاءة عمالتهم الأجنبية.

ألقيت اللوم على زملائي المهندسين، وليس على المسئولين، لأن بهم تبدأ قيادة ركب التغيير نحو الأفضل في تصميم وتنفيذ المشاريع والإنشاءات بطرق منهجية عملية إقتصادية آمنة، وتحليل المشاكل وإيجاد الحلول الملائمة.

عسى أن نرى نوراً في نهاية النفق، وأن يقوّى دور هيئة المهندسين السعوديين، وأن توضع برامج فعّالة لتطوير المهندسين ورفع كفائتهم، وأن تفرض الضوابط المهنية التي تؤكد كفاءة المهندس وتختبر قدراته قبل أن يمارس مهنته، لأننا إذا لم نصحح أوضاعنا فلننتظر كوارث أخرى أسبابها الجذرية هي أخطاء هندسية فادحة.


يوسف الملا
13 فبراير 2011 




حركة انقلاب

كم أحوجنا إلى حركة انقلاب على أنفسنا!

ننقلب على قلوبنا فنطهرها مما تحمّله من حسد وحقد ومما تكنّه من أنانية وتكبر، نغسلها بمياه التوبة النقية والأوبة الصادقة حتى لا يبقى شيءٌ من أدرانها وأمراضها، نخلصها من سوء الظن بالناس وظلمهم والتجني عليهم.

ننقلب على إهمالنا وكسلنا فنحول العجز إلى عزيمة، والخمول إلى نشاط، والتسويف إلى عمل، واليأس إلى أمل، والفشل إلى إنجاز، لا أدري لماذا أصبح الإهمال والكسل سمة ظاهرة لدى الكثيرين!.

ننقلب على أنفسنا فنراجع تقصيرنا في واجباتنا ومسئولياتنا، فالمجتمع بناؤه الفرد ولو حرص كل منا على إصلاح نفسه ومن هم تحت رعايته لحصل صلاح المجتمع، حتى لو كثر المعطّلون والمفسدون فالبناء لا بد أن يكتمل يوماً ما.

ننقلب على ذواتنا فنلومها، لا أقول نجلدها، بل نحاسبها على كل الخطايا والعيوب، ونرشدها إلى طريق الرشد الإنساني والرقي الحضاري، فإلى متى نلوم الآخرين ونعيبهم ونحن لسنا بعيدين مما هم فيه! إلى متى ننظر إلى أنفسنا بأننا كاملين!، لا بد أن ندرك أن هنالك فرق بين تعزيز قيمة الذات واحتقار ذوات الآخرين.

ننقلب على ميولنا وأهوائنا حتى نرى بوضوح وجلاء مسائل الحياة من حولنا، نراها كاملة لا بعين واحدة مجتزئة مبتورة، فعندها نحكم على الأمور بالعدل، ونتعامل مع الآخرين بالإحسان.

ننقلب على اختلال موازين حياتنا واهتراء مقاييسنا، فنصلحها حتى تعود إلى توازنها الروحي والقلبي والعقلي والجسدي، فتتحقق لنا السعادة التي طالما حلمنا بها.

ننقلب على تطرفنا بكل أنواعه المختلفة، فنستقر في حيز الوسطية، فلا ننزع إلى العصبية والحزبية، ولا نتمسك بأحادية التفكير وإقصاء الآخر، نقبل بالإختلاف ولا نقلبه فيصير خلافاً.

ننقلب على رغبتنا المُلّحة في النقد الهدّام لنرضي جوانب هزيلة من أنفسنا الأمارة بالسوء، وعوضاً عنه لننهج سبيل النقد البناء الذي نسعى فيه لإصلاح أحوالنا وتطوير مجتمعاتنا.

بعد كل هذا يمكنني أن أقول بثقة، ما أحوجنا إلى حركة انقلاب على أنفسنا!

يوسف الملا

30 يناير 2011