الخميس، 27 ديسمبر 2012

ندبتان.. ولكن!




ندبتان في جسدي كلما نظرت إليهما، أعادتا لي مقاطع جميلة من شريط ذكرياتي معك، يا أبي، بكل صورها وأحاسيسها.

تلك الندبة الصغيرة في أسفل ذقني هي بقايا جرح بسيط من لعبتك البريئة معي، عندما ربطت قدماي مع بعضهما وأنا طفل صغير، وقلت لي: قم وامشِ، فوقفتُ ومشيتُ، وسقطتُ على ذقني، وانجرحت.

أتذكرُ مقدار ألمك ولوم نفسك حينها، وأعرفُ أنها عفوية الأباء عندما يريدون أن يُفرحوا أطفالهم بأية طريقة كانت، رحلتَ يا أبي وبقيت تلك الندبة لتشهد بحنانك وحبك.

أتدري يا أبي لقد علمتني درساً لن أنساه، علمتني بأن لا أستسلم وأن أستمر في الوقوف والمشي رغم القيود والمعوقات، حتى لو سقطتُ، حتى لو جُرحتُ، حتى لو تألمت.

الندبة الأخرى حصلت عندما كنت رديفاً لك على دراجتك الهوائية، وانحشرت رجلي اليسرى بين أسلاك العجلة الخلفية، فانجرحت ونزفت رجلي، كان جرحاً غائراً مؤلماً استلزم عشر غرزات.

هو ذنبي هذه المرة، لكني ما زلت أتذكر ملامح الحزن على وجهك، وكأن الذنب هو ذنبك، أيضاً ما زلت أتذكر مشاعر القلق الذي انتابك والهمّ الذي أتعبك.

هذه الحادثة يا أبي علمتني درساً مفيداً في وجوب الانتباه وأخذ الحذر، علمتني أن لا أحشر نفسي في مواقف الحياة الضيقة، وأن أحذر من أولئك الذين يحاولون أن يدخلوني في متاهات ضيقة، ودهاليز مظلمة، وحوارات عقيمة.

هي ندبتان ولكني تعلمتُ منهما دروساً لا تنسى، وتركت لي ذكريات لا تمحى..

ويكفيني أنها تركت علامتين باقيتين لبعض ذكرياتي الغالية وأنا معك.  

ليست هناك تعليقات: